العفو العام بين المصالح السياسية وإرادة الشعب: هل تُصان العدالة أم تُهدر؟
بقلم :هالة التميمي
إذا كان الشخص متهمًا بالإرهاب، فلماذا لم تتم محاكمته منذ 15 عامًا؟ هذا التساؤل يفتح الباب أمام شكوك حول المصالح التي تتحكم في القرارات السياسية. الأموال التي تُنفق على السجون بملياراتها يمكن أن تبني دولة، لكن المصالح الشخصية والإقليمية والدولية تعيق التقدم، وتترك الوطن في دائرة من التنازعات والانقسام.
العراق بأكمله ضحية لظروف معقدة تراكمت عبر الزمن، مما يجعل التسامح وفتح صفحة جديدة ضرورة ملحة. يجب أن نتوقف عن الانجرار وراء الانتقام، ونسعى للمصالحة الوطنية التي تُنهي العداوات وتُعيد اللحمة بين أبناء الوطن. فالتسامح ليس ضعفًا، بل هو قوة تُعزز الاستقرار والسلام، وهو السبيل الوحيد للخروج من دوامة الماضي المؤلم.
إن العفو العام عن المتهمين بالإرهاب يأتي في ظل واقع مليء بالتحديات. القتال بين أبناء البلد الواحد لا يولد سوى العداوة والانتقام، ولا يخدم سوى أعداء العراق. وإذا كانت الدولة قد أصدرت قرارًا بإطلاق سراح المتهمين بالإرهاب، فإن السؤال الأهم هو: ما هي الضمانات لعدم عودة هؤلاء إلى العنف؟ وما هي ردة فعل أهالي الضحايا الذين دفعوا أغلى الأثمان؟
إن العراق، الذي عاش الإرهاب وقاومه بصبر وصمود، يحتاج اليوم إلى أن يكون أكثر حكمة في التعامل مع قراراته المصيرية. التساؤل هنا: هل يمكن أن توضع مثل هذه القرارات في أيدي غير أمينة تسعى وراء مصالح ضيقة؟ القرارات التي تمس مستقبل الوطن تحتاج إلى قيادة مسؤولة تحافظ على العدالة وتراعي حقوق الجميع، بعيدًا عن الصفقات والمساومات السياسية.
العراق، الذي عاش الإرهاب وقاومه بصبر وصمود، يحتاج اليوم إلى رؤية واضحة وحكيمة لاتخاذ قرارات مصيرية تخدم مستقبله. هذه الرؤية يجب أن ترتكز على:
. تحقيق العدالة الشاملة، يجب ألا تُترك قضايا الإرهاب دون محاسبة عادلة. لا بد من إعادة النظر في آليات القضاء وضمان نزاهته.
اطلاق مشاريع مصالحة وطنية حقيقية: تسعى لتضميد الجراح وإعادة بناء الثقة بين جميع مكونات الشعب العراقي
، تعزيز الأمن الفكري بالتركيز على التعليم، والتوعية، وبرامج مكافحة الفكر المتطرف لضمان عدم عودة الإرهاب مجددًا..
، وضع سياسات سيادية مستقلة، تضمن حماية العراق من التدخلات الخارجية، وتجعل مصلحة الوطن فوق كل اعتبار.
إن هذه الرؤية لا تنفصل عن وجوب التعامل بحذر مع القرارات الحالية.
التساؤل هنا : هل يمكن أن توضع مثل هذه القرارات في أيدي غير أمينة تسعى وراء مصالح ضيقة؟ القرارات التي تمس مستقبل الوطن تحتاج إلى قيادة مسؤولة تحافظ على العدالة وتراعي حقوق الجميع، بعيدًا عن الصفقات والمساومات السياسية.
في خضم هذا المشهد، نقول كما أمرنا الله تعالى: “وَأَصْلِحُوا ذَاتَ بَيْنِكُمْ وَأَطِيعُوا اللَّهَ وَرَسُولَهُ إِن كُنتُم مُّؤْمِنِينَ” (الأنفال: 1). الإصلاح بين أبناء الوطن واجب شرعي ووطني، ولا يجوز العبث بمصير الأمة من أجل مكاسب آنية. كما قال الله عز وجل: “وَاعْتَصِمُوا بِحَبْلِ اللَّهِ جَمِيعًا وَلَا تَفَرَّقُوا” (آل عمران: 103).
نسأل الله أن يجمع القلوب على الحق، وأن يُخرج العراق من أزماته أكثر قوة ووحدة، فالوطن الذي صمد أمام الإرهاب قادر على بناء مستقبله بوحدة أبنائه وتكاتفهم.