زيارة الملك لواشنطن.. موقف تاريخي حاسم
ديمه الفاعوري
تمثل زيارة جلالة الملك عبد الله الثاني إلى واشنطن ولقاءه مع الرئيس الأمريكي دونالد ترامب نقطة تحول في العلاقات الإقليمية والدبلوماسية العربية، وتضع الأردن في مصاف الدول التي تفرض موقفها بجرأة وعزيمة في مواجهة التحديات الراهنة، حيث تحمل هذه الزيارة أبعاد وؤسائل مهمة كونها امتداد لسياسة تاريخية راسخة ترفض التنازلات على حساب القضية الفلسطينية والأردن.
ويعد لقاء الملك مع ترامب خطوة جريئة، إذ كان الأول من نوعه بين زعماء المنطقة والرئيس الأمريكي، مما جعله محط أنظار العالم، كونه بمثابة إعلان عن موقف واضح وهو حماية مصالح الأردن وشعبه فوق كل اعتبار، ورفض أي حلول أو مقترحات قد تنتهك حقوق الفلسطينيين، ومن هنا يظهر الدور الدبلوماسي للملك الذي قاد حواراً يهدف إلى توجيه البوصلة نحو موقف عربي موحد بعيداً عن أي مخططات تهجير.
ولقد تجسدت حنكة الملك في صراحته ووضوح رؤيته؛ فليس الهدف من هذه الزيارة التخلي عن استقبال الفلسطينيين او التنصل عن قضيتهم، بل هو دفاع عن قضية وأرض، وتأكيد على حق الشعب الفلسطيني في الدفاع عن ترابه وإقامة دولته على أسسه الوطنية، في سياق هذا الموقف، لا يمكن إغفال “اللاءات الثلاث” التي أعلنها الملك، والتي تتمثل في: “لا للتوطين: رفض أي محاولات لتوطين الفلسطينيين خارج أرضهم، لا للوطن البديل: التأكيد على أن الأردن ليس بديلاً عن فلسطين، لا للتنازل عن القدس: التشديد على أن القدس الشرقية هي عاصمة الدولة الفلسطينية”.
ومن أبرز ما يميز سياسة الملك هو التوجه الإنساني، فقد صدر توجيهٌ لاستقبال 2000 طفل فلسطيني مصاب بالسرطان للعلاج في المستشفيات الأردنية، وهذه الخطوة، التي تحمل في طياتها رسالة دبلوماسية قوية، تؤكد رفض الأردن لأي حلول تمس الحقوق الفلسطينية، كما أنها تُظهر مدى التزام القيادة الأردنية بتقديم الدعم الإنساني لشعب جاره في أحلك الظروف.
تاريخ الأردن زاخر بالمواقف البطولية التي جعلت من المملكة رمزاً للصمود، وألجمت جميع الأصوات والأبواق المأجورة التي كانت تشكك في مواقف الأردن تجاه القضية الفلسطينية، و لقد تمكن الأردن من تجاوز العديد من المخططات والمؤامرات التي استهدفت استقراره، وذلك بفضل حب الشعب لقيادته وإيمانه الثابت بمواقفها الوطنية، وفي هذه المرحلة لا من التأكيد على ضرورة دعم الأجهزة الأمنية والقوات المسلحة ومواجهة الإعلام المضلل الوقوف خلف قيادتنا الرشيدة، ومواجهة أي محاولات لتشويه الحقائق، لما فيه خير مستقبل القضية العربية والحقوق المشروعة للشعوب، بإعتبارها أدوات أساسية في الحفاظ على هذا الثبات، ما يجعل الأردن قدوة في وحدة الصف العربي .