إنقاذ الثقافة رسالة لصوت الضمير
مروج العبيدي
تعتبر النصب والتماثيل من أهم معالم مدينة بغداد، حيث يوجد فيها أكثر من 40 نصبا وتمثالا وجدارية لنحاتين ومهندسين وفنانين عراقيين أبدعت أناملهم بخلق وتجسيد الرسالة التي حملها النصب او التمثال بكل معانيها.
ومن بين تلك النصب البارزة المعالم هو نصب ( إنقاذ الثقافة ) أو ( إنقاذ العراق).
ونصب إنقاذ الثقافة العراقية هو تمثال صممه وبناه الفنان والنحات العراقي المرحوم محمد غني حكمت عام 2010م و الذي أبدعت انامله بأنشاء أجمل النصب الموزعة في مناطق مختلفة من العاصمة بغداد بطريقة فائقة الجمال .
يقع النصب في منطقة المنصور بالقرب من متنزه الزوراء ، ويمثل النصب الإسطواني المائل الآيل للسقوط والذي يبلغ ارتفاعه الى القاعدة 10 امتار.. الختم السومري المنقوش بالكتابة والرموز المسماريةالتي تعني بأن ( الكتابة بدأت من هنا) و تستند هذه الإسطوانة الى سواعد عراقية بإرتفاع 6 أمتار، حيث تسعى هذه السواعد جاهدة بأن تسند الحضارة وأن لا تسقط الثقافة، تجسيدا لصمود العراقيين في مواجهة التحديات لما يمتلكوه من مجد وحضارات وتأريخ منذ اقدم العصور.
وفي تصريح للفنان المرحوم الكبير محمد غني حكمت في عمان، صيف 2010.. و كان قد انتهى من صنع مصغرات نصبه الأربعة التي هيأها لبغداد، و آخرها نصب انقاذ الثقافة العراقية قال :-
( ان النصب الذي يمثل ختما أسطوانيا كتب عليه بالخط المسماري الذي ابتكره السومريون ” الكتابة بدأت هنا” يبدو و كأنه سيقع و تتلقفه أياد راقية متعددة و تسنده ، معيدة اليه الحياة و الالق و الاستمرار )…
وكان سعيدا بأنه سيساهم، ليس في تجميل بغداد فقط ، بل في مناشدة العراقيين بوجوب تضافرهم و العمل يداً بيد لإنقاذ الثقافة العراقية التي حاول الإحتلال مصادرتها من خلال تدمير المؤسسات الثقافية العراقية و في مقدمتها المتحف العراقي، فالثقافة قبل كل شيء حضارة و اسلوب حياة و ليست نتاج إبداعي فقط.
حيث سعى محمد غني حكمت و الذي عمل لبغداد اجمل نصبها، يعمل ليل نهار لرؤية نصبه الجديدة شامخة في بغداده، لكن رحيله كان أسرع من إنجاز العمل… فقد كان منهكا و مريضا و لم يتوقف عن العمل، محاولا إيصال رسالة خالدة الى العراقيين.
ففي كل يوم يقف العديد من الأشخاص يصورون النصب و يتصورون امامه و تمر من أمامه عشرات الآلاف من العيون ترى هل يعلم الماره قصة ومعنى هذا النصب العميق المعاني؟؟؟ وهل سنترجم معناه على ارض الواقع كما حلم النحات؟
رسالة لصوت الضمير موجهة الى من تمسك بحضارته وثقافة عروة وثقى سعياً للمحافظة على الثقافة العراقية لإن الثقافة بقيمها الجمالية الرصينة الحقيقية كفيلة بإنقاذ العراق من هاوية الإنحدار.